نص كلمة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن خلال زيارته لمملكة البحرين

  • 07 Mar. 2010
  • |
  • آخر تحديث 11-Oct-2010 17:46

Dinner hosted by the Foreign Minister of the Kingdom of Bahrain, Sheikh Khalid bin Ahmed bin Mohammed Al-Khalifa. Speech by NATO Secretary General Anders Fogh Rasmussen.

الشيخ خالد
الدكتور عبد الغفار
أصحاب السعادة
السيدات والسادة

يسعدني أن أكون في المنامة اليوم وأتمتع بدفء ضيافة شعب وحكومة مملكة البحرين. انني ممتن  لوزارة الخارجية ومركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة وللدكتور محمد عبد الغفار لدعوتي للحديث اليوم، وأشعر بسعادة غامرة خاصة لمقاسمتي المنصة اليوم مع وزير الخارجية الشيخ خالد الخليفة

 اقطار الخليج شركاء طبيعيون  لحلف شمال الأطلسي، وأود أن أوضح من خلال ملاحظاتي اليوم مدى أهمية الشراكة ومن ثم احيطكم باختصار بما حققناه الى الآن بشأن تعاوننا، قبل تبادل بعض أفكاري معكم حول آفاق التطور المستقبلي الممكن لعلاقاتنا 
أولا، لماذا تكتسي شراكتنا هذه الاهمية؟ باختصار،  لأن دول ناتو ودول مبادرة استانبول  تواجه تحديات وتهديدات مشتركة – تهديدات وتحديات كالدول الفاشلة والارهاب وانتشار اسلحة الدمار الشامل  والقرصنة والامن الطاقوي. انها جميعها أمور تستدعي تحركاً مشتركاً،  إذ لا تستطيع أي دولة أن التعامل معها بنجاح بمفردها- فهي تتطلب مقاربة تعاونية متعددة الأطراف في مجال الأمن، بما في ذلك  عبر مبادرة استانبول للتعاون. وبالتالي، فمن الواضح أن أمن البحرين وأمن كل الدول الشريكة في مبادرة استانبول يصب في مصلحة ناتو الاستراتيجية أيضاً.

في الواقع، لقد كانت لدبنا مصالح  مشتركة في مد يد العون لدول كأفعانستان وكوسوفو والعراق كي تقف على قدميها، وكذلك منع دول أخرى مثل اليمن والصومال والسودان من الإنزلاق نحو هوة الفوضى، كما نتشاطر القلق الحقيقي بشأن الطموحات النووية الإيرانية - والتي قد تتمخض عنها حالة عدم  إستقرار في منطقة  محورية بالنسبة للأمن والإستقرار في العالم.

هناك منطقة أخرى اضحت أكثر فأكثر مصدرا للقلق والاهتمام المشترك كما أننا نعتمد عليها بصورة قصوى باعتبارها منطقة لأمن الطاقة. لقد ساهمت عودة القرصنة قبالة سواحل الصومال ومنطقة القرن الأفريقي،  والتي أسفرت عن هجمات طالت سفن تحمل شحنات النفط  والغاز، في تعزيز الوعي المشترك لدينا بضرورة ضمان الأمن البحري بمعناه الواسع، وغدت مسألة التصدي للقرصنة على وجه الخصوص  مجالا اضافيا لتشابك المصالح المشتركة

ولابد أن أعرب عن سعادتي  لأن هذه المصالح المشتركة قد تم ترجمتها الى تعاون فعال، كما أود الاعراب عن امتناني للبحرين باستضافتها إجتماعات شهرية بغية تنسيق وتناغم المساهمات المختلفة لأطراف المجتمع الدولي من أجل محاربة القرصنة قبالة سواحل القرن الأفريقي، وهو مثال حي على استعداد البحرين لتعلب دوراً هاماً  وايجابياً في تشكيل البيئة الدولية.
وقد أثبتت مبادرة إستانبول للتعاون، التي إنطلقت منذ ما يقرب من ست سنوات، أن شراكتنا تزداد قوة بعد قوة، متحدية المتشككين الذين رأوا من المستحيل إقامة علاقة قوية بين دول الخليج وحلف ناتو.
كانت مبادرة إستانبول للتعاون في بداية الأمر تعتبر مبادرة ثنائية بين كل دولة خليجية وناتو، وهو جانب مهم لا بد أن يظل قائما ويأخذ بعين  الإعتبار مصالح كل دولة على حدة، وإسمحوا لي أن أؤكد لكم أننا نريد، بالإضافة إلى تطوير شراكتنا  الإستراتيجية، الإستمرار في الإعتراف بالشق الثنائي من مبادرة استانبول.

أما كيف سنطور شراكتنا، فإسمحوا لي أن أطلعكم على بعض الأفكار.
أولاً هناك الابعاد العملية،  فهي قائمة من الأنشطة العملية تنامت بمقدار ثلاثة اضعاف، إذ لدينا الآن حوالي 600 أنشطة وفعاليات يمكن لشركاءنا الاختيار من بينها: بدءا من التصدي للإرهاب والتدريب والتأهيل العسكري، وصولا الى الامن الطاقوي والتعاون البحري. هذه القائمة الواسعة تمثل فرصاً ثمينة للتعاون لكل شركاءنا في مبادرة استانبول ولكنها في الوقت نفسه تشكل تحدياً هاماً، إذ يتعين على كل شريك تحديد خياراته وأولوياته بشأنها
لهذا الغرض بالذات، فقد تقدمنا لشركائنا باقتراح  وضع برنامج تعاون فردي مع الحلف. دولتكم البحرين كانت دائما مقتفية آثار حقيقية في اطار مبادرة استانبول، وعليه فلا غرابة أن تكون البحرين، في أغلب الأحوال، الدولة الأولى من بين شركاءنا الخليجيين التي تعمل لإنجاز مثل هذا البرنامج ما يسمح للمنامة بتحديد هدف ووتيرة تعاونها مع حلف شمال الأطلسي، وفي ذات الوقت تسمح لناتو التركيز في مساعداته ودعمه لدولة البحرين، كما أنه من المؤمل أن يكون ذلك مثالا لفائدة باقي الشركاء كي يحذوا حذوها.

لو توجهوا الي بالسؤال: في أي مجالات ترى أن هناك فرصا كامنة لتعزيز التعاون بين دول الخليج وناتو؟، فإنني  سوف أشير في الحال الى  مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومحاربة الإرهاب،  والأمن الطاقوي والبحري، وهي كلها تهديدات محتملة خطيرة تواجه ناتو وشركاءه. ان الارهاب بالفعل هو ملتقى طرق للعديد من هذه التهديدات: فحيازة ارهابي لاجهزة إشعاعية  هو في الواقع أمر مروع بالنسبة لنا جميعاً، إذ أن الإرهابيين أظهروا عزمهم على ضرب البنية التحتية ومنشآت الطاقة.

وإسمحوا لي الآن أن أركز على الأمن البحري و الطاقة،  إذ أتكلم معكم بناء على دعوة كريمة من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة.
 في إعتقادي ينبغي أن  نبدأ من خلال تكثيف تبادل المعلومات والخبرات فيما يتعلق بقضايا الأمن الطاقوي، حيث لدينا الكثير مما يجب تبادله، و يجب أن نستغل كل الفرص المتاحة لتبادل المعارف بيننا، وذلك عبر وضع إجراءات ملموسة  لإدارة أزمات وحوادث البيئة.
إسمحوا لي أن أشرح ما أعنيه، لقد رأينا، للأسف، العديد من الحوادث، أو أعمال التخريب المتعمد التي يمكن أن تؤدي إلى عواقب مروعة بالنسبة إلى شعوبنا، لدينا في مقر ناتو في بروكسل طاقم يعمل على تنسيق جهود الإغاثة في حالات الكوارث، كما عرض حلف شمال الأطلسي على شركاءنا في مبادرة إستانبول تسهيل الحصول على المعلومات المتوفرة لدينا في هذا ا لمجال.
نحن بحاجة  إلى التركيز أكثر على حماية البنى التحتية لمنشآت الطاقة، وعندما نستخدم مصطلح البنى التحتية نعني طيف واسع جداً من مرافق الإستخراج والتكرير وخطوط النقل والأنابيب وغير ذلك، و لابد من ربط هذه العناصر معاً من خلال نظام مراقبة متطور، كما نحتاج إلى ضمان حماية كافية لهذا  النظام.
وهنا مرة أخرى ، أعتقد أن هناك مجالا لتعزيز تعاوننا العملي عبر إيلاء مزيد من الإهتمام لحماية الاتصالات الخاصة بمنشآت الطاقة ونظم المعلومات ضد محاولات هجوم أو للوصول غير المشروع إلى هذه المنشآت.
لدينا في حلف شمال الأطلسي قدرات للرد على مثل هذه الحوادث والدفاع عن النظم الإلكترونية.
وأعتقد أننا ينبغي أن ننظر الآن عن كثب في الكيفية التي يمكن بها تبادل الخبرات مع ناتو والدروس المستفادة في هذا المجال مع البحرين ودول الخليج الأخرى ، وكيف يمكننا العمل معا بشكل أوثق في المستقبل لضمان هذا الجانب الحيوي من البنية التحتية للطاقة .
وهنا يجب لفت النظر إلى ضرورة حماية عنصر آخر من عناصر البنى التحتية الخاصة بالطاقة، وهو وسائل النقل، هناك ما يقرب 15 شحنة تمر يومياً عبر مضيق هرمز محملة بنحو 17 مليون برميل من النفط الخام،  وهذا يمثل 40 % من شحنات النفط العالمية المنقولة بحراً، كما أنها تمثل 90 % من صادرات النفط من المنطقة، إذ هناك صلة مباشرة بين أمن الطاقة والأمن البحري.
أعتقد أن هناك مجالاً لتعزيز التعاون في هذا المجال بين ناتو والبحرين وبقية دول الخليج، إذ أننا في الحلف نملك قدرات بحرية ونقوم بعمليات متميزة في حماية الأمن البحري، خاصة لجهة محاربة الإرهاب في البحر الأبيض المتوسط و عملية  محاربة القرصنة قبالة سواحل الصومال.
وهنا يمكن أن يكون التعاون عن طريق الدعم في مجال المعلومات والخدمات اللوجستية أو حتى التأهيل والتدريب.
سوف نحتاج بعد ذلك لتطوير شبكة فعالة للاتصالات، عن طريق اللحاق بنظام ضباط الإتصال الموضوع قبلاً من قبل ناتو، حيث أرحب بأي مقاربة مقترحة في هذا المجال.
وستكون هذه الخطوات التي شرحتها مساهمة كبيرة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. كما أنها تأتي أيضاً في سياق طلب تكثيف التنسيق الإقليمي والدولي لمكافحة أعمال القرصنة في خليج عدن والبحر الأحمر ، والذي تقدم به مجلس التعاون الخليجي في دورته 30 ديسمبر الماضي.
وإسمحوا لي الآن أن أنتقل الى البحث  في إمكانيات تطوير البعد السياسي لشراكتنا
سنعقد في بروكسل يوم الخميس إجتماعاً بين مجلس الحلف وجميع الشركاء في مبادرة إستانبول، حيث ستكون التحديات الأمنية في منطقة الخليج أحد بنود جدول الأعمال الرئيسية، ما يتيح لنا الفرصة لتبادل الآراء حول مواضيع مثل ايران واليمن والقرصنة قبالة سواحل الصومال.
 أود أن أرى ، مستقبلاً، اجتماعات من هذا النوع ما يعطي لشراكتنا ميزة إضافية ويجعلها أكثر وضوحاً.

أصحاب السعادة
السيدات والسادة

نحن نواجه تحديات تفرض علينا أن نكون أكثر نشاطا، وأن نعمل سويا  بقدر أوثق عبر عبر الحدود والثقافات والأديان.  لدينا ادراك تام بمغزى تعميق التعاون العملي  والإستفادة من خصوصية معارف وخبرات كل منا للآخر.
كما يتعين علينا أن نجري حواراً سياسياً منتظما حول القضايا ذات الإهتمام المشترك، إذ تحتوي شراكتنا على  فرص كامنة هائلة أتطلع إلى ان نستثمرها سويا.